بعد انسحاب روسيا من إتفاقية الحبوب التي زودت العالم ب ٣٣ مليون طن من الحبوب الأوكرانية خلال العام الماضي والتي خفضت أسعار الغذاء العالمي بنحو ٢٠٪ كما ساهم هذا الاتفاق بتزويد برنامج الأغذية العالمي بنحو ٨٠٪ من الحبوب التي يحتاجها البرنامج كما ذهبت اكثر من ٦٠٪ من صادرات أوكرانيا من الحبوب خلال مدة الاتفاق الى الدول النامية والتي زودت اكثر من ٤٠٠ مليون شخص في العالم بالغذاء .
روسيا تحمل الغرب مسؤولية انهيار الاتفاق بسبب تدخله في الحرب وتزويده أوكرانيا بأسلحة نوعية ومسيرات ودعم مالي متزايد و فرض المزيد من العقوبات عليها وتطمح روسيا لتحقيق مكتسبات جديدة من خلال التفاوض لاستئناف تصدير الحبوب عبر الموانئ الأوكرانية واستغلال حاجة العالم للحبوب الأوكرانية .
وبصورة مفاجئة قررت الهند حظر تصدير القمح الى العالم بسبب تراجع انتاجها لهذا الموسم بسبب حالة الجفاف بعد الموجة الحارة التي ضربت مناطق زراعة القمح مما تسبب بارتفاع أسعار القمح داخل الهند لارقام قياسية وحفاظاً على امنها الغذائي اتخذت الهند هذا القرار حيث كان من المتوقع ان تصدر الهند اكثر من ١٠ مليون طن من القمح هذا العام وتعتبر الهند ثاني اكبر منتج للقمح في العالم .
ولنفس الأسباب تقريباً قامت الهند منذ أيام بحظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي بسبب الأحوال الجوية والفيضانات والتي تسببت بتراجع الإنتاج ورفع أسعار الأرز محلياً مما دفع الهند لحظر تصدير الأرز الأبيض وتعد الهند اكبر مصدر الأرز في العالم وتسهم بنحو ٤٠ ٪ من صادرات الأرز العالمي .
الازمات السياسية والحروب التي تعصف بالعالم بالإضافة الى اضطرابات المناخ وتراجع الإنتاج في العديد من الدول ينذر بكارثة إنسانية في العديد من الدول النامية كما وينذر بارتفاع أسعار الغذاء مجدداً لارقام قياسية اذا بقيت تلك الأسباب قائمة خلال الفترة القادمة وهذا سيؤثر على قدرة العديد من دول العالم تأمين احتياجات شعوبها من الغذاء في ظل الازمات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الطاقة وارتفاع أسعار الفائدة في تلك الدول ..
الحكومة اليوم مطالبة وبشكل سريع بتأمين احتياجات الاردن من السلع الأساسية والتأكد من وجود مخزون كافي من الحبوب والتوجه وبصورة خاصة نحو الزراعة وتقديم جميع التسهيلات اللازمة لزراعة القمح كما فعلت السعودية ومصر لتأمين احتياجاتنا من هذه السلعة الحيوية والعمل على تقديم كل ما يلزم للصناعات الغذائية لتتطور وتكون قادرة على تأمين السوق المحلية بالسلع الغذائية الاساسية حتى نحافظ على الامن الغذائي للمواطنين والاجئين الذين تخلت عنهم الموسسات الدولية بعدما اوقفت دعمها الغذائي لهم .
منير دية
خبير اقتصادي